fa3il khir مـشــرفــة الـقـسـم الإســلامــي والـحـجــاب
عدد الرسائل : 31 العمر : 34 العمل/الترفيه : normal السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 15/02/2008
| موضوع: ماهو السر في حلاوة القرآن؟ الأربعاء 20 فبراير 2008, 15:03 | |
| ماهو السر في حلاوة القرآن؟
حينما نتحدث عن القرآن نجد ان الكثير من المسلمين يدعون ان للقرآن حلاوة يجدونها في انفسهم عند السماع او القراءة، وهم هنا يستنتجون من هذا الاحساس ان هذا النص له مصدرية الهية غير بشرية. والحق يقال ان مجرد كون الشيء جميل لايعني ان مصدره الهي اذ لايمتنع ان يكون هناك انسان مبدع وعالم في صناعة الادب بشقيه الشعر والنثر او حتى بفرع جديد يؤسسه بنفسه ويرسم قواعده. ان علامة الابداع البشري المميزة عند اهل الادب هو ان نصوص الاديب لاتأتي كلها على نفس المستوى من الجودة، فانت قد تقرأ مجموعة قصائد لنزار قباني وتعجب اعجاباً شديداً بها ولكن قد تقرأ قصيدة اخرى له فلاتشعر بذلك الاحساس الرائع الذي انتابك حينما قرأت ما اعجبك من قصائده، وقد ترفض التصديق انها لنفس الشاعر بعدما عهدته من جودة شعره فالشعر هو كما كان يقول العرب "مطرف بالآف وخمار بواف". والحق ان القرآن هكذا فانت تلاحظ بالبديهة اختلاف في الدرجة بين سوره وآياته فهناك ايات جميلة وسور رائعة تطرب لقراءتها مراراً بينما تجد ايات وسور (خصوصاً السور الطوال) تمل منها بسرعة ويغيب عنك الاحساس الجميل السابق. نحن كملحدين نطرح العديد من الايات كتأييد على كلامنا الاسابق مدعين انه لابلاغة معروفة في نص ما او اية معينة او ان البلاغة فيه ضعيفة او شبه معدومة. ولكن المشكلة التي اريد ان اطرحها في هذه المقالة هي ان الايات التي نحتج بها على هذا الامر قليلة نسبياً فسيكون بامكان المسلم ان يقول ان كل ماساتطعتم ان تطعنوا به هو بضع ايات من كتاب ضخم جداً مثل القرآن وهو دليل ضعف اذا نظرت لهذا الموضوع من هذه الزاوية. ان هذا الجزء من كلامنا حول محمد يختص بالاجابة عن السؤال حول لماذا كان الكثير من سور القرآن فوق المتوسط من حيث الجودة وكانت الايات التي تطرح في محل الاعتراض على بلاغة القرآن قليلة نسبياً؟
اشكال مشابه وجواب عليه.
يقول العلماء ان السؤال الجيد يشكل نصف ادراك الحقيقة، فلكي يستطيع الباحث الوصول الى الحقيقة يجب ان يطرح الاشكالية في ذهنه بصورة صحيحة وبعد ذلك يتوفر الباحث على امكانية البحث والاستدلال ولو كان الاشكال المطروح خاطئاً فان الباحث لن يكون موفقاً في ادراك الحقيقة مهما كان ماهراً في الدرس والاستدلال. ومثال ذلك الرامي فاذا لم يصوب سهامه الى الهدف المقصود فانه لن يستطيع اصابته مهما كان بارعاً في الرماية حاذقاً في فنونها وادواتها. والحق يقال ان الاشكالية التي طرحناها ليست صحيحة لانها غير مقيدة بهذا الامر المفروض، وهي كمن يسأل لماذا صار فلان خباز؟ فهذا السؤال ممكن ان يوجه لكل صاحب مهنة وليس فقط لخصوص ذلك الرجل. وفيما يتصل بموضوعنا نجد اشكال مشابه يعتبر الجواب عليه المدخل للاجابة على سؤالنا. السؤال هو لماذا كان الشعر الجاهلي رائعاً الى هذه الدرجة حتى انك لاتجد قصيدة تعاف الاذن سماعها بل ان اغلب الشعر الجاهلي فوق المتوسط وعلى رغم كل هذه السنين مايزال الناس يرددونه ويعجبون بنظمه ومعانيه (في الحقيقة نحن نتحفظ على كلمة جاهلي فالعرب سموا زمنهم العالمية وجاء محمد وسماها الجاهلية)، فهل من المعقول ان لايوجد في العرب كلهم شاعر مغلّب سيء النظم بحيث نشير كلنا الى ان شعره سيء ويضرب الباحثين فيه المثل في الشعر الهابط؟ نعم نحن نؤمن بجواب الاستاذ الكبير وعميد ادبنا العربي طه حسين في ان الكثير من الشعر الجاهلي منحول ولكن لابد لنا من القول ان هناك بالفعل مقدار من الشعر الجاهلي وصل الينا، وما وصل رائع جداً فلم كان الامر هكذا؟ وهكذا تبقى الاشكالية على حالها. فلماذا كل الشعر الجاهلي جميل الى هذه الدرجة؟
جواب الاشكال
تخيل معي انك الان في سوق عكاظ حيث كان فحول شعراء الجاهلية ينشدون شعرهم ويقف شاعر مجهول ينشد شعراً سيئاً فللحال ترى الناس تبتعد عنه وتنفر من سماع شعره وتتجه باسماعها الى غيره، وها انت ترى النابغة الذبياني يتجمهر الناس حوله وهو ينشد قصيدته المشهورة:
كليني لهم يا أميمة ناصب *** وليل أقاسيه بطيء الكواكب تطاول حتى قلت ليس بمنقض *** وليس الذي يرعى النجوم بآيب
فتطرب نفسك الى هذه الكلمات وتشتهي سماعها من جديد وترى الناس حولك يرددون كلمات الشاعر الذي اسر اسماعهم وعقولهم وسيعود هؤلاء الى قبائلهم فينشدون شعر النابغة وتتناقله الاجيال فيما بينها حتى نصل الى عهد التدوين حيث يكتب المختصون بكتابة الشعر في دواوينهم الشعرية مارواه الناس من شعر النابغة. بينما لم يروِ احد شعر صاحبنا المسكين الذي كان شعره سيئاً ولم يتناقله الناس ولم يورثوه فيما بينهم بل ضاع الى الابد لعدم وجود ناقل في البين الى عهد الكتابة والتدوين. فعندما يكون الشعب هو الناقل للادب من شعر ونثر وقصص وغيرها فان الشعب يجري عملية انتخاب ادبي على النصوص بحيث يفرز الجيد من الرديء فيرمي الرديء بعيداً ولايرويه بينما يصمد الجيد وتتناقله الاجيال فيما بينها. ان هذه العملية تشبه الانتخاب الطبيعي في نظرية التطور عدا انها مختصة بالادب، لذا فقد عرفنا لماذا تكون نصوص الشعر الجاهلي جميلة الى هذا الحد ولماذا لاتوجد قصيدة جاهلية رديئة لان الناس ببساطة لم يعتنو بنقل الشعر الرديء. في زمننا اختلفت المعادلة فليس هناك من داعٍ لناقل بشري للشعر فبامكان اي شاعر مهما كان رديئاً ان يجبرك على قراءة شعره الهابط على صفحات الانترنت او الفضائيات او الاسوأ اذا كان شيخ او امير او صاحب سلطان فسيفرض عليك ان تسبح بحمد قصائده بكرة واصيلاً، ان عهد التدوين يعني امكانية غلبة الشعر الرديء على الشعر الجيد في بعض الاحيان، لغياب وجود الشعب والامة كناقل وكناقد اصيل.
اطروحة جديدة حول القرآن
نفس الكلام السابق يقال عن القرآن فالصحابة الكبار منعوا كتابة الاحاديث النبوية لانهم رأوا انها ممكن ان تختلط مع القرآن وهنا موقف مهم جداً، اذ ان كبار الصحابة لم يكونو يحسنوا التمييز بين الاية القرآنية وبين الحديث النبوي بحيث رؤا هذا المنع وسيلة لمنع الخلط...اذن لم يكن هناك زيادة كبيرة وفرق نوعي بين الخطاب القرآني وبين الخطاب المحمدي بل كان هذا من جنس ذاك ومن نفس نوعه ودرجته. فما العجيب فيمن يقول ان القرآن كتبه محمد وهاهم كبار الصحابة يشهدون بانهم لم يكونو يحسنوا التمييز بين القرآن وكلام محمد؟ نعم ربما انت الان تحسن هذا التمييز وكلنا في الحقيقة نستطيع بمجرد ان نسمع الاية ان نعرف اذا كانت من القرآن او لا ..لانك تنسى ان القرآن مر بعملية انتخاب ادبي على نحو ما مر به الشعر الجاهلي.
كان محمد كثيراً ما يأمر اصحابه بتعلم القرآن وكتابته بما كان متيسراً في ذلك الزمن من وسائل الكتابة والحفظ مثل الجلود وجريد النخل وغيرها ففي الحقيقة ما قام به عثمان انما كان جمع الناس على قراءة واحدة لا انه جمع القرآن، وطبعاً الامر بكتابة القرآن هو ترف لم يكن متوفراً لمحمد في فترة الدعوة المكية على نفس الدرجة التي نتوقعها في المدينة فلانتوقع ان ماقاله محمد في تلك الفترة قد تمت كتابته كله خصوصاً عند الحديث عن بواكير الايات القرآنية اضف الى هذا اننا نجد ان المقربين من محمد ممن عاصروا فترة بداية الوحي وسمعوا بدايات محاولات محمد لتأليف القرآن مثل خديجة وابو طالب وزيد قد توفوا قبل وفاة محمد وما جاءنا مما كتبه محمد في فترة الدعوة المكية انما هو ما تناقله الناس وماحفظوه من ماقاله خلال تلك الفترة وقد مر علينا ان الناس لاتنقل الرديء من الكلام خصوصاً ما كان نثراً او شبيهاً بالنثر ولذا راينا ان اغلب ايات الفترة المكية كانت عالية الجودة نسبياً لانها بكل بساطة تمثل افضل ما قاله محمد وليس كل ما قاله محمد. ابو بكر حينما فكر بجمع القرآن عين زيد بن ثابت مسؤولاً عن عملية الجمع وزيد لم يكن من الصحابة الاوائل بل هو ممن آمن بمحمد عندما هاجر الى المدينة وكان عمره احد عشر عاماً فماذا نتوقع ممن عمره هكذا؟ وهل يمكن ان يكون قد حفظ ما قاله محمد اثناء فترة الدعوة المكية وبدايات الدعوة المدنية وهو بهذا العمر الصغير نسبياً؟ بالتأكيد لا وهو نفسه يروي كيف كان يحصل الاختلاف في جمع القرآن وفي تذكر بعض الايات وهو دليل واضح على انهم لم يكونو يحفظون كل شيء. نعم، في خواتيم حياة محمد توافرت العوامل والجهود لكتابة الايات القرآنية فقد صار عند محمد عدة كاتبين لكتابة الوحي فضلاً عن تزايد عدد الصحابة فقد كان مايقوله محمد يكتب على الفور ولهذا لم تأتي الايات المدنية بمثل جودة تلك المكية لانها كل او اغلب ماقاله محمد لا افضل ما قاله محمد ومن غير الممكن للمؤلف البشري ان تأتي اعماله الادبية على نفس المستوى. كما ان القرآن سيمر في المستقبل بعدة عمليات تنقيح نسبية من قبل جهابذة علماء العرب المتخصصين من امثال ابي الاسود والفراهيدي مما سيزيده نضجاً وجودة.
ملخص القول ان ما بأيدينا من القرآن لايمثل سوى افضل ما قاله محمد من قرآن وليس كل ماقاله محمد واننا نفتقد الكثير من القرآن خصوصاً في فترة بداية الدعوة ولو ان هذه الايات وصلتنا لعرفنا الكثير عن محمد وعن شخصيته.
عندما تفتح القرآن تذكر ان هذا ليس كل ماقاله محمد وربمايكون جزء يسير منه وانما افضل ما رواه الناس من كلام محمد وتوفر على اعجابهم واهتمامهم | |
|
mohasoft مشرف قسم البوكسات و البرامج المحمية
عدد الرسائل : 96 العمر : 43 السٌّمعَة : 3 تاريخ التسجيل : 30/10/2007
| موضوع: رد: ماهو السر في حلاوة القرآن؟ السبت 23 فبراير 2008, 18:21 | |
| مشكوره على هذا الموضوع الاكثر من رائع و ان شاء الله في موازين حسناتك تحياتي لك | |
|