مع اقتراب انطلاق مباريات بطولة كأس الأمم الأفريقية، التي ستستضيفها غانا بداية من 20 كانون ثاني / يناير المقبل، يزداد الاهتمام بنجوم القارة السمراء، وخاصة المحترفين منهم في القارة الأوروبية، ولكن هذا الاهتمام تضاعف في الفترة الأخيرة بسبب التألق اللافت للنظر للمحترفين الأفارقة في الدوري الإنكليزي.
فرغم انتشار اللاعبين الأفارقة في معظم بطولات الدوري الأوروبية، وتألق الكثيرين منهم في هذه البطولات، إلا أن ما يفعله الأفارقة في إنكلترا هذا الموسم شيء آخر لافت للنظر، فقد أصبح القادمون من القارة السمراء هم العمود الفقري لأهم وأكبر الفرق الإنكليزية في الدوري، مثل آرسنال وتشلسي وليفربول وإيفرتون.
وأصبحت الفرق الإنكليزية تعتمد على لاعبي الدول الأفريقية بشكل كبير، لدرجة أن فريق بورتسموث سابع الدوري الإنكليزي بدا وهو يواجه آرسنال في المرحلة التاسعة عشرة من البطولة وكأنه منتخب أفريقي، لكثرة اللاعبين الأفارقة المتواجدين في صفوفه في هذا اللقاء.
وما يزيد الإعجاب باللاعبين الأفارقة في إنكلترا، أن النجاح والتألق لم يصاحب اللاعبين الكبار والمعروفين عالمياً أمثال الإيفواري دروغبا مهاجم تشلسي وأديبايور مهاجم توغو، بل إنه لازم أيضاً لاعبين أقل شهرة لم يكن لهم ثقل كبير من قبل في الدوري الإنكليزي، أمثال النيجيري ياكوبو إيغيبيني الذي أحرز تسعة أهداف حتى الآن مع إيفرتون، ومواطنه جوزيف يوبو مدافع إيفرتون أيضاً، إضافة إلى ستيفين بينار لاعب الوسط الجنوب أفريقي والذي أصبح في الفترة الأخيرة من أهم دعائم الفريق الذي يحتل حالياً المركز السادس في الدوري الإنكليزي.
ويتابع الجميع بإعجاب ودهشة الدور الرائع الذي يلعبه المهاجم الزيمبابوي بينجاني مواروواري في صفوف بورتسموث، حيث سجل اللاعب تسعة أهداف حتى الآن في البطولة، كما أنه يمثل مع زميله النيجيري نوانكو كانو ثنائياً خطيراً باستطاعته إرباك دفاعات الفرق الأخرى في البطولة، والمثير أن البديل الأول لهذا الثنائي الأفريقي هو المهاجم النيجيري جون أوتاكا.
تألق في جميع المراكزوما يزيد من أهمية الدور الذي يلعبه سفراء القارة الأفريقية في الدوري الإنكليزي، أن النجاح لا يلازم المهاجمين فقط، ولكنه لازم جميع اللاعبين في بقية المراكز الأخرى، ففي دفاع الآرسنال تألق الثنائي الإيفواري حبيب كولو توريه وإيمانويل إيبوي، حيث شارك اللاعبان في جميع مباريات المدفعجية في الدور الأول.
أما فريق تشلسي، فبالإضافة إلى النجاح الكبير والإنجازات الرائعة للمهاجم الإيفواري دروغبا، نجد أن الفريق اللندني يعتمد اعتماداً كبيراً في وسط ملعبه على لاعب وسطه الشاب النيجيري جون أوبي ميكيل، الذي شارك برغم قلة خبرته وحداثة تجربته في الملاعب الإنكليزية في 18 مباراة في دوري هذا الموسم. وبجانب ميكيل يتألق بشده الغاني مايكل إسيان أحد الدعائم الهامة والأعمدة الرئيسية في الفريق، وقد شارك اللاعب في 14 مباراة وأحرز ثلاثة أهداف هذا الموسم.
ويضم ليفربول لاعبين اثنين فقط من القارة السمراء، أحدهما وهو المالي محمد سيسوكو، يعتبر من نجوم خط الوسط في الفريق، ويعتمد عليه الإسباني رافاييل بينيتز المدير الفني للفريق في اللحظات الحرجة دائماً، وقد شارك هذا الموسم في 9 مباريات، أحرز خلالها هدفاً واحداً، أما اللاعب الآخر فهو الناشئ المغربي نبيل الزهار لاعب المنتخب الأولمبي المغربي. وعلى الرغم من أن الزهار لم يشارك مع فريق الأسد العجوز في مباريات الدوري الإنكليزي حتى الآن، إلا أنه أبلى بلاء حسناً في كأس رابطة الأندية المحترفة، وقال عنه بينيتز إنه من الوجوه المبشرة في الفريق، والتي سيتم الاعتماد عليها مستقبلاً.
ويعد لاعب بورتسموث الغاني سولي مونتاري، من أبرز لاعبي الوسط في إنكلترا حالياً، كما أنه من أكثر لاعبي فريقه مشاركة في مباريات الدوري الإنكليزي هذا الموسم، حيث شارك في 19 مباراة، نجح خلالها في إحراز ثلاثة أهداف، الأمر الذي دفع عدداً غير قليل من الأندية الكبيرة في أوروبا للسعي للتعاقد معه بدءاً من الموسم المقبل.
أما في توتنهام، فعلى الرغم من أن هذا الموسم هو الثاني للاعب الإيفواري ديديه زوكورا في الدوري الإنكليزي، إلا أنه سرعان ما تأقلم مع البطولة، وأثبت وجوده كأساسي في وسط الفريق، إذ شارك في 15 مباراة بصفة أساسية منذ انطلاق الموسم وحتى الآن.
ويلعب المهاجم الجنوب أفريقي بيندكت مكارثي دوراً أساسياً في فريق بلاكبيرن الإنكليزي؛ حيث شارك في 18 مباراة حتى الآن في مسابقة الدوري كأساسي.
ورغم أنه لم يحرز سوى ثلاثة أهداف فقط، وهو رقم قليل بالمقارنة بالموسم الماضي الذي أحرز فيه 11 هدفاً، إلا أن المدير الفني للفريق مارك هيوز يعتمد عليه اعتماداً أساسياً في تنفيذ الخطط الهجومية للفريق.
ويتألق بشدة في بلاكبيرن أيضاً هذا الموسم المدافع الجنوب أفريقي أرون موكوينا، الذي شارك في معظم مباريات الفريق واستطاع أن يفرض نفسه أساسياً في تشكيلة الفريق.
ويعتمد فريق نيوكاسل هو الآخر على كوكبة من اللاعبين الأفارقة، في مقدمتهم النيجيري أوبافيمي مارتينز لاعب إنتر ميلان السابق ومهاجم وهداف نيوكاسل الحالي والذي شارك مع الفريق في كل مبارياته في الدوري الإنكليزي، ونجح في إحراز 5 أهداف.
وإضافة إلى المهاجم النيجيري، يقود دفاع نيوكاسل (الذي يحتل المركز الحادي عشر في المسابقة حالياً) السنغالي حبيب باي، الذي شارك في 15 مباراة كأساسي، وجلس خمس مباريات فقط على كرسي البدلاء.
وإلى جوار باي، يلعب في مركز المدافع الأيمن، الكاميروني نجيتاب جيريمي، الذي شارك في 17 مباراة هذا الموسم. ويذكر أن جيريمي لعب من قبل في صفوف ريال مدريد الإسباني، وتشلسي الإنكليزي.
ويخوض النيجيري ديكسون إيتوهو تجربة الاحترافية الثانية في الدوري الإنكليزي الممتاز مع فريق ساندرلاند هذا الموسم، وكان قد خاض تجربته الأولى موسم 2001 / 2002 مع فريق مانشستر سيتي، ويلعب إيتوهو في مركز لاعب الوسط المدافع وقد شارك هذا الموسم في 18 مباراة كاملة.
"ضيوف" المشاكسولايمكننا أن ننسى المهاجم السنغالي الحاج ضيوف مهاجم بولتون، وعلى الرغم من أنه أحرز ثلاثة أهداف فقط هذا الموسم إلا أنه لاعب أساسي في الفريق، وشارك في 18 مباراة كاملة.
ويتمسك ضيوف هذا الموسم بصفته وسمته الأساسية وهي المشاكسة والمباغتة داخل الملعب، فمن يصدق أن ضيوف المهاجم ارتكب 35 خطأ حتى الآن واحتسب له 32 خطأ، وحصل على ثمان بطاقات صفراء، وعلى الرغم من قلة بل ندرة أهدافه، فإن الإحصاءات تقول أن المهاجم السنغالي نجح في صناعة ستة أهداف، وسدد 21 تصويبة على المرمى منها 14 تصويبة بين القائمين والعارضة.
وبصورة عامة فإن المثير أن المتابع لمسيرة اللاعبين الأفارقة في الدوري الإنكليزي يجد ملحوظة تستحق الدراسة، وهي أن نجوم القارة الأفريقية تتركز بصفة أساسية في الأندية الكبرى والقوية والتي تحتل قمة المسابقة، بينما تقل بل وتندر في الأندية الضعيفة أو التي تأتي في ذيل الترتيب، وهي ملحوظة تدل في المقام الأول على أن المحترفين القادمين من القارة السمراء أصبحت لديهم القدرة على الاختيار وأصبحوا سلعة رائجة في الدوري الإنكليزي، يقبل عليها من يستطيع أن يدفع أكثر.
غياب عربيوعلى الرغم من التألق الأفريقي الواضح في الدوري الإنكليزي هذا الموسم، فإن عرب شمال أفريقيا ليس لهم تواجد واضح في أندية المسابقة، كما أن معظمهم ملازم لكرسي البدلاء مثل لاعب الوسط المدافع المصري محمد شوقي المنتقل حديثاً من الأهلي المصري لميدلزبره، الذي خاض أولى مبارياته كأساسي مع الفريق في المرحلة الماضية (20) من المسابقة، وقد كان وجوده فألاً حسناً على فريقه الذي حقق فوزاً مفاجئاً خارج ملعبه على بورتسموث 1– 2.
ويحدث نفس الأمر مع المدافع التونسي راضي الجعايدي الذي كان أساسياً في الموسم قبل الماضي مع فريق بولتون، إلا أنه هذا الموسم، ومنذ انتقاله لبرمنغهام، يواجه أوقاتاً صعبة حيث لم يشارك منذ بداية المسابقة إلا في سبع مباريات فقط، بينما لازم كرسي البدلاء في بقية المباريات أو غاب عن التشكيلة الأساسية.
وتعد تجربة المحترف المصري أحمد حسام "ميدو" من أفضل تجارب الاحتراف العربية في الدوري الإنكليزي، حيث يقضي موسمه الثالث على التوالي في المسابقة، إذ شارك في الموسمين الماضيين مع فريق توتنهام وتألق بشدة في الموسم الأول محرزاً 11 هدفاً في المسابقة، بينما لم يحرز في الموسم الثاني له إلا هدفاً واحداً، لينتقل هذا الموسم إلى ميدلزبره.
وكانت بداية "ميدو" نموذجية في بداية انتقاله، خاصة بعد إحرازه هدفين متتاليين في الأسبوعين الثالث والرابع على التوالي، إلا أن تعرض اللاعب لإصابات متلاحقة، كان آخرها إصابته بالتهابات في منطقة الحوض، منعه عن مواصلة التألق مع فريقه، ليس ذلك فقط بل إن غيابه عن المنتخب المصري خلال مشاركته في كأس الأمم الأفريقية في كانون الثاني/يناير القادم أصبح أمراً محسوماً.
أما المحترف المصري الثالث وهو حسام غالي، لاعب الوسط في فريق توتنهام فله قصة مختلفة تماماً عن بقية اللاعبين العرب المحترفين في إنكلترا، فيمكن أن نطلق على حسام وصف اللاعب المجمد، فهو لا يلعب كأساسي، ولم يتواجد على الإطلاق على كرسي البدلاء، بل إنه لا يشارك بصفة دائمة في تدريبات ومعسكرات الفريق، والدليل على ذلك أنه اللاعب المصري الوحيد في الدوري الإنكليزي، الذي تمكن من الاشتراك مع منتخب بلاده في دورة الألعاب العربية التي أقيمت الشهر الماضي.
والغريب أن حسام غالي كان على وشك الانتقال إلى برمنغهام سيتي في بداية هذا الموسم، ولكن المدير الفني لبرمنغهام، الاسكتلندي أليكس ماكليش رفض الصفقة في اللحظات الأخيرة بسبب تحفظه على تعامل غالي مع زملائه ومدربيه في التدريبات، ليعود مرة أخرى إلى توتنهام، ويقضي فترة من أسوأ فترات حياته في الملاعب.
مهدي النفطيوعلى الرغم من كثرة الإخفاقات العربية في الدوري الإنكليزي، فإن شهادة تقدير لابد أن تمنح للتونسي مهدي النفطي، صاحب القميص رقم 12 في فريق برمنغهام.
يلعب النفطي في وسط الملعب، ويميل أداءه إلى اللعب في الجانب الأيسر، ويعتمد عليه ميكلايش كثيراً في إنطلاق الهجمات المرتدة لما يتسم به من سرعة ومهارة في المراوغة، وقد شارك النفطي في 18 مباراة في المسابقة حتى الآن.
وبدأ النفطي 14 مباراة لبرمنغهام سيتي في الدوري الإنكليزي كأساسي، وشارك كلاعب بديل في أربع مباريات فقط، وحصل خلال مشاركاته على خمس بطاقات صفراء، كما أنه شارك في لقاء واحد في كأس رابطة الأندية الإنكليزية المحترفة، ونجح في إحراز هدف خلال هذا اللقاء.
نجوم خفتتوعلى الرغم من قصص النجاح الأفريقية الكثيرة في الدوري الإنكليزي هذا الموسم، فإنه توجد إيضاً قصص تعثر وفشل ليست بالقليلة، ويعد اللاعب السنغالي هنري كمارا مهاجم وستهام صاحب المركز العاشر حالياً، مثالاً واضحاً جداً على تعثر نجوم كبار كانوا في السابق من أبرز المحترفين الأفارقة، فقد شارك كمارا كأساسي في ثلاث مباريات فقط، وكبديل في خمس مباريات أخرى ولم يستطع تسجيل أي هدف هذا الموسم، ليدخل في دائرة الظل ويبتعد تماماً عن التشكيلة الأساسية والاحتياطية، في معظم مباريات وستهام هذا الموسم.
ومن أبرز اللاعبين الذين انخفض مستواهم بشدة، لاعب الوسط المهاجم الكاميروني سولومون أولمبيه، هذا اللاعب الذي صاحب انتقاله إلى ويغان اثلتيك في بداية العام الحالي ضجة كبيرة
واعتقد الجميع أنه سيكون مفتاحاً هاماً لفوز ويغان في مبارياته هذا الموسم، وذلك استناداً لمستوى اللاعب في السابق مع منتخب بلاده ومع مرسيليا الفرنسي، كما أنه يمتلك تجربة سابقة في الدوري الإنكليزي، عندما لعب في موسم 2003 / 2004 مع ليدز يونايتد، إلا أنه على الرغم من ذلك فإن أوليمبيه تراجع بشدة هذا الموسم، إذ شارك كأساسي في مبارتين وكاحتياطي في أربع مباريات فقط.
لقطات هامة• سجل اللاعبون الأفارقة في الدوري الإنكليزي هذا الموسم 62 هدفاً، من أصل 528 هدفاً أحرزت حتى الآن في المسابقة، بنسبة 11.74 %.
• تمكن 13 لاعب أفريقي من إحراز الأهداف هذا الموسم، يتقدمهم إيمانويل إديبايور مهاجم الآرسنال برصيد 11 هدف، وهو يحتل المركز الثاني في قائمة هدافين المسابقة هذا الموسم حتى الآن.
• يلعب في دوري الدرجة الأولى هذا الموسم 49 محترف أفريقي، يلعبون في 16 نادي، وأكثر الأندية الإنكليزية ضماً للاعبين الأفارقة هذا الموسم هو بورتسموث الذي ضم في بداية الموسم 7 لاعبين، يليه كل من نيوكاسل وبرمنغهام وتشلسي وآرسنال وإيفرتون وكل منهم يضم 4 لاعبين، أما بلاكبيرن وريدنغ وتوتنهام فضموا 3 لاعبين، وتضم ستة فرق لاعبان فقط، وهذه الفرق هي (وستهام –ويغان-ميدلزبره-ليفربول- فولهام-بولتون)، وأقل الأندية ضماً للاعبين هذا الموسم هو نادي ساندر لاند و يضم لاعباً واحداً.
• أندية مانشستر يونايتد وأستون فيلا ومانشستر سيتي ودربي كاونتي هي الأندية الوحيدة التي لاتضم في صفوفها أي محترف أفريقي، وإن كان مانشستر سيتي بالذات قد ألغى الرقم 23 من قمصان لاعبيه من عام 2003 تكريماً للاعب أفريقي، وهو الكاميروني مارك فيفيان فوي، لاعب وسط الفريق، الذي توفي خلال مشاركته مع منتخب بلاده في بطولة كأس العالم للقارات، وتحديداً في مباراة الكاميرون وكولومبيا على ملعب جيرلان في مدينة ليون الفرنسية